يعد البرازيلي كاكا ، الذي سيصل غدا إلى أسبانيا لبدء حياة جديدة ، شخصية فريدة بين نجوم عالم الساحرة المستديرة ، فهو شديد التدين ولم يسقط قط في مثلث "السهر-الديسكو-الجنس" الذي اجتذب الكثيرين من زملائه.
ويؤكد المهاجم المتأخر في تصريحات له أمس بمدينة جوهانسبرج حيث قاد المنتخب البرازيلي نحو الفوز ببطولة القارات بعد التغلب على المنتخب الأمريكي 3/2 "أنا أحاول التركيز قدر الإمكان وأفعل ذلك مع أسرتي. لدي ابن يبلغ عاما من العمر (لوكا) ومعه أشعر بتركيز حقيقي".
وإلى جانب صفات "رجل العائلة المثالي" يمكن وصف كاكا أيضا بأنه المحترف المنضبط - وهي الميزة التي أبرزها بحماس جميع المديرين الفنيين والمسئولين الإداريين في الأندية التي مر بها اللاعب - كما أنه يتمتع بشخصية متواضعة ومحبوبة ، بعيدة كل البعد عن التعالي الذي غالبا ما يتسم به نجوم الرياضة.
وفي جنوب أفريقيا ، وبعد أيام من تحوله إلى ثالث أغلى صفقة في تاريخ الكرة بعد البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي زين الدين زيدان عبر بوابة النادي الملكي أيضا ، سمح كاكا بالتقاط صور له بصحبة أطفال وتعامل بصبر ولطف مع إلحاح المعجبين.
ويقول كاكا "إن هذا الإعجاب يغمرني بالسعادة ، يسعدني أن أكتشف أن الناس يتعرفون علي بسبب أدائي مع الأندية والمنتخب. بالتأكيد في أحيان كثيرة أود أن أنعم بالهدوء لدى خروجي مع أسرتي وأنا أجد أحد مصوري المشاهير يلاحقني فهو أمر يقيد الحرية ، لكنني أعتقد أن ذلك جزء من حياة نجم الكرة".
وفي ظل ارتباطه الشهير منذ مرحلة المراهقة بإحدى الكنائس البرازيلية ، يعزو كاكا تدينه إلى قدرته على التوفيق بشكل جيد بين وضعه كنجم كرة وكونه أبا لأسرة ، دون أن "يتشتت" بسبب ملايين الدولارات التي حصل عليها خلال مشواره.
ويوضح "لدي قيمي الدينية وأضعها قبل كل شئ. في تقديري للأمور لا يمثل المال أولوية. بالتأكيد المال مهم إنه شئ جيد ، لكنه بالنسبة لي لا يعدو عن كونه نتيجة لما أقوم به. أنا أستمتع وأسعد بلعب الكرة ، فأنا أحب الرياضة. إنهم يدفعون لي لأنني أقوم بعملي بشكل جيد".
وربما كان هذا الحب للرياضة هو الذي يوضح كيف احتفظ كاكا بابتسامته على مدى 30 يوما فضل خلالها مساعدة منتخب بلاده ، بدلا من أن يستمتع بإجازة ، حيث خاض مع الفريق مبارتي أوروجواي وباراجواي في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2010 ثم شارك معه في بطولة القارات.
وفي ظل حفاظه على صورته التي يبدو فيها "الرجل المثالي" ، حاول صانع الألعاب اتباع تعليمات المدير الفني للمنتخب البرازيلي كارلوس دونجا حرفيا ، كما حاول التركيز بشكل كامل مع الفريق ورفض بصورة قاطعة التعليق خلال وجوده في جنوب أفريقيا على انتقاله المليوني إلى ريال مدريد.
وكلما كان يسأل كاكا عن النادي الملكي ، كان يرد محذرا "الآن أريد فقط الحديث عن كأس القارات".
واتباع تعليمات المدير الفني للمنتخب البرازيلي المعروف بأنه يطالب بالكثير والمشهود له بأنه "عدو النجوم" ، يحمل دونجا على وصف كاكا بأنه النموذج الذي ينتظره من جميع لاعب منتخب السامبا.
ويقول المدير الفني "نريد لاعبين يكون تركيزهم منصبا على المنتخب البرازيلي ، بدلا من التفكير في أنديتهم أو انتقالاتهم المنتظرة".
والانضباط بالنسبة لكاكا ليس تضحية ، بل شرطا جوهريا للحفاظ على أدائه الرائع داخل الملعب.
ويؤكد نجم السامبا أنه تعلم ذلك من نجم ميلان المعتزل باولو مالديني الذي يتحدث عنه دائما بكلمة "قائدي"، حيث يقول: "كان مثالا: نال كل ما كان يمكن الحصول عليه ، لكن كان لديه يوميا الحافز من أجل التدريب ، وكل يوم كان يتطلع لأن يكون الأفضل".
وهذا الحافز نفسه هو الذي سيحمل البرازيلي إلى ريال مدريد ، حيث سيتم تقديمه رسميا غدا الثلاثاء ليبدأ فصلا جديدا من مشوار إنجازاته مع النادي الملكي.
وسيحاول كاكا أن يفعل ذلك إلى جوار عملاق آخر - أقل تواضعا بكثير - هو النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ، الذي أصبح منذ الآن منافسه الأقوى على الفوز بقلوب جماهير فريق العاصمة الأسبانية ، وربما أيضا على جائزتي الكرة الذهبية وأفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خلال الأعوام القادمة.